Subscribe RSS

الأفكار ليس لها حدود, و فرص الإستثمار الجديدة لا تعد و لا تحصى و الأهم أنه في هذا العصر الذي تلاشت فيه جميع الحدود مع فورة الإنترنت الإجتماعية فإن أي إنسان, أيا كان وطنه أو مكانه, يستطيع أن يبدع و ينتج و يقدم مشاركته الخاصة للغاية الى هذا العالم, عالم التكنولوجيا و تقنية المعلومات, بل و يبدأ في استثماره الخاص, فقط إذا كان يملك الفكرة, الإصرار و القدرات الإبداعية الكافية لتحقيق ذلك.

ربما تبدو هذة العبارات ككلمات جوفاء دون معنى حقيقي يثبت أقدامها على أرض الواقع, و لكنني لم أجد مقدمة أخرى أنسب لهذة القصة, قصة الCrunchPad التي تحمل بين طياتها فعليا جميع هذة المعاني مجتمعة.

إذا ما هو الCrunchPad ؟؟ و ما هي قصته ؟؟

منذ ما يقارب العام, و تحديدا في الحادي و العشرين من يوليو من العام الماضي, 2008, و مع الإزدهار الملحوظ في سوق أجهزة النت بوك و أجهزة الإنترنت المحمولة “MIDs“, خطرت واحدة من هذة الأفكار الغريبة ببال مايكل أرينجتون محرر مدونة TechCrunch و التي تعنى بشكل رئيسي باستثمارات الويب الجديدة. الفكرة ببساطة - و التي استمدها ماكيل من مشاهدة هذة الثورة التي غيرت و لا تزال تغير من طبيعة سوق أجهزة الحوسبة و التي جاءت لنا بهذة الأجهزة المخصصة للإنترنت - هي إنتاج ما يمكن أن نصفه بجهاز تصفح الإنترنت المثالي للمستخدم المنزلي و لما كنا في عصر حرية المعلومات و حرية التفكير للجميع فقد وضع ماكيل تصوره لهذا الجهاز بأن يكون جهاز لوحي بشاشة عرض كبيرة بشكل كافي لتجعل من تجربة التصفح ممتعة و بسعر لا يتجاوز 200$.

هذا هو التخيل المبدأي الذي وضعه أرينجتون لفكرته و تسائل هل من الممكن أو من المنطقي أو الواقعي أن يتمكن هو كشخص و بمساعدة فريق العمل معه في TechCrunch و بمساعدة قراء الموقع من انتاج شئ يحقق هذا التصور و يضاهي في مستواه ما تقدمه لنا يوميا هذة الشركات العالمية الكبرى !! أرينجتون لم يكن يعرف مدى امكانية تحقيق ذلك, و كذلك كل من قرأ كلماته الأولى منذ لحظة نشرها و من ينهم هذا الذي يكتب لكم اليوم عن هذة القصة, و لكنه قرر أن يخوض هذة التجربة سواء نجحت أم فشلت.

الخطوات الأولى بدأت بعد أن تلقى المشروع عدد هائل من تصورات و تخيلات القراء و مجتمع الإنترنت - و هو الشئ الذي أصبح ممكنا لأي شخص أن يحصل عليه مع هذة الثورة الإجتماعية للإنترنت - الكثيرون شاركوا بما يتصورونه في هذا المنتج و فريق العمل و المكون من عدة أفراد فقط لا غير بدأ هو الآخر البحث من الصفر. البحث عن اجابة لسؤال, كيف يمكن لشخص أو مستخدم تقليدي أن يتحول الى منتج أو أن يصمم و يخرج منتج يحمل تصوره في عقله ؟؟

tabletprototypea

الخطوات الأولى باختصار تضمنت البحث عن واحدة من شركات التصميم الصناعي و الإستعانة بخبرات أحد المصممين للرسومات ثلاثية الأبعاد و من ثم الإنتقال بهذا التصميم الصناعي و الذي لا يتعدى كونه نموذج حديدي الى إحدى الشركات التي تعمل في تصميم و تعديل أنظمة التشغيل و الأنظمة البرمجية و لم يمضي شهر واحد تقريبا حتى و كان لدى هذا الفريق المثابر نموذج حديدي يشبه شاشة عرض تقليدية و يحتوي على بعض الإلكترونيات و نسخة لا تكاد تستطيع العمل من نظام Linux مفتوح المصدر. و على الرغم من أن المنتج بهذا الشكل - النموذج الاولي A - لم يكن يشبه بأي درجة ما تخيله من قاموا على المشروع إلا أنه كان يعني شئ واحد, أنه بمزيد من العمل و الجهد فإن تحقيق هذا الحلم ليس بمستحيل.

ملاحظات على هذة المرحلة: ما لاحظته بعد كثير من البحث و التحري وراء شركات التصميم الصناعي التي استعان أرينجتون بإحداها هو أنها منتشرة بشكل واسع للغاية في الصين و ربما يكون ذلك بكل تأكيد ناتج عن الإنتشار الهائل لمصانع الأجهزة الإلكترونية و غيرها في الصين, و لكن الأهم هو أن التعامل مع هذة الشركات هو أمر مباشر للغاية و ليس على قدر كبير من الصعوبة و يمكن أن يتم بشكل كامل عبر الإنترنت. الملاحظة الأخرى هي أن البيت التصميمي الذي تمت الإستعانة به للبدء في تعديل نظام التشغيل Linux و بناء نسخة خاصة تماما و معدلة لتناسب المنتج من النظام هي شركة أمريكية تملك الكثير من الكوادر المبدعة, إن تطوير النظم البرمجية هي الخطوة الأولى التي يمكنها أن تدخلنا في مرحلة تالية الى طور التصنيع في منطقتنا العربية.

crunchpad1

بعد فترة طويلة نسبيا من الصمت و العمل بعيدا عن الأضواء و في منتصف شهر يناير من العام الحالي, عاد فريق العمل بأخبار جديدة و لكن هذة المرة فالوضع بدا للجميع مختلف كليا بعد أن ظهر المنتج في صورته الأولية الثانية B و قد بدأ في الحصول على شكل انسيابي يقترب من أشكال المنتجات التجارية الفعلية و أصبح هذا النموذج الحديدي جهاز حقيقي يحمل نظام تشغيل يقدم لوحة مفاتيح تخيلية و يعمل بالفعل بل و يمكنه القيام بوظيفته الرئيسية ألا و هي تصفح الإنترنت. و اتضحت أمام فريق أرينجتون في هذة المرحلة عدة حقائق, أولا؛ إنه من الصعب الحفاظ على تكلفة الإنتاج في حدود 200$ و أن التكلفة الفعلية للمنتج ستكون في نطاق 300$, ثانيا؛ مع اقتراب اكتمال المنتج وظيفيا فإنه بات من المنطقي أن يبدأ العمل في تطوير شكل المنتج ليبدو بشكل اكثر احترافية و أكثر قربا من تصميمات الشركات الكبرى و الأمر ذاته مع نظام التشغيل.

crunchpad_new04

و على الرغم من أن الوصول الى هذة المرحلة السابقة و ظهور امكانية انتاج جهاز إلكتروني فعلي من الصفر كأمر قابل للتحقيق فعليا جاء في حد ذاته مفاجئا بشكل كبير, إلا أن المفاجأة الفعلية كانت بانتظار الجميع في شهر ابريل الماضي عندما تسربت بعض الصور من داخل كواليس العمل لتظهر المنتج في صورة شبه نهائية يبدو فيها بتصميم شديد الجاذبية و النحافة و بعدد من الألوان الجذابة بل و ظهرت صور لما يبدو أنه سيكون المغلف النهائي للCrunchPad و الذي جاء بتصميم يضاهي أفضل تصميمات المغلفات التي تقدمها أكثر الشركات شهرة في هذا المجال. فقط عند هذا الحد, بدأت إمكانية أن يقدم هذا المنتج للبيع بشكل تجاري للمستخدم النهائي كأمر وارد بعد أن كانت الفكرة منذ البداية هي انتاج جهاز للاستخدام الشخصي قد يتحقق و قد لا يتحقق.

شهر يونيو الماضي و الأيام القليلة الماضية من شهر يوليو الحالي شهدت ما يمكننا أن نطلق عليه بوادر اكتمال هذة القصة المثيرة بالكشف عن الصورة النهائية التي سيبدو عليها جهاز الإنترنت اللوحي CrunchPad و بعض التفاصيل عن مواصفاته المنتظرة. المواصفات المتوقعة تتضمن معالج Intel Atom, نظام تشغيل معدل مبني على نواة Linux يضم متصفح انترنت قائم على الويب كيت كل هذا تراه عبر شاشة عرض بقياس 12 إنش تعرض صورة بدقة 1024×768 مع دعم الWiFi و البلوتوث و وجود منفذ USB ما يجعل الجهاز قابل للتمدد و ذاكرة داخلية بسعة 4GB أما السعر فقد تراجع مرة أخرى لتزداد احتمالية أن يطرح بسعر فعلي في نطاق 200$.

crunchpad_new01

أما عن ما يبدو لي فعليا أكثر أهمية و أكثر قيمة فهو نجاح ماكيل أرينجتون في أن يتحول بفكرته البدائية الأولية الى منتج نهائي مكتمل قابل للبيع تجاريا بل و ينتقل بذلك الى صورة أكثر رسمية بالإعلان عن شركة رسمية تحمل اسم CrunchPad Inc مؤسسة في سنغافورة و تضم 14 موظف فقط ليكون منتجها الوحيد هو جهاز الإنترنت اللوحي CrunchPad و الذي سيكشف أرينجتون عنه بشكل تجاري و بتفاصيله الكاملة النهائية في مؤتمر صحفي يعقد في وادي السيليكون نهاية شهر يوليو الحالي.

المصدر

التصنيفات | 0 تعليقات

0 تعليقات على : “عندما يتحول المستخدم الى منتج فإن القصة تكون حتما مثيرة . اعجبني بحق هذا الشخص”